مدمنو الحروب: حين تُصبح الدولة عدوًا للسلام والإنسان!
- Tamim Abu khait
- 17 يونيو
- 1 دقائق قراءة
بقلم: د. ناظم نصار/ عرابة/ أستراليا
الحرب، كما يقولون، شرٌ لا بد منه. لكن ماذا لو أصبح هذا "الشر" هو النَفَس الذي تتنفسه الدولة؟ ماذا لو تحولت الحرب من خيار اضطراري إلى هوية، واقتصاد، ومنظومة فخر قومي؟ في إسرائيل، كما في الإمبراطوريات الداعمة لها، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لم تعد الحرب أداةً سياسية، بل إدمانًا وجوديًا.
الإدمان يبدأ بالشعور بالقوة، وينتهي بالتبعية. الأنظمة المدمنة على الحرب لا تحارب دفاعًا عن النفس، بل لأنها لا تعرف غير ذلك. تحشو مناهجها التعليمية بأساطير التفوق، وتغسل أدمغة شعوبها لتربط الوطنية بالعنف، والكرامة بالقمع، والعدو بالآخر. في إسرائيل، باتت الحرب هي اللغة الرسمية، والتاريخ مسرحًا دائمًا لإعادة تمثيل النكبة، لا لمعالجتها بل لتبرير تكرارها.
إنه إدمان يعيد إنتاج نفسه في أربع مراحل:
تحفيزٌ عبر خطاب الخطر الوجودي،
نشوةٌ بالانتصارات الرمزية،
قلقٌ عند الحديث عن السلام،
وانتكاسةٌ دموية كلما اقترب الأمل.
لكن ماذا لو خسرت دولةٌ مثل إسرائيل حربًا؟ ليس فقط عسكريًا، بل أخلاقيًا؟ مجتمع بُني على قهر الآخر، لا يعرف كيف يعيش بدون عدو. فإن لم يكن العدو فلسطينيًا، فسيُختلق في الداخل: عربيًا، يساريًا، مهاجرًا، أو حتى يهوديًا رافضًا للصهيونية.
الإمبراطورية الأمريكية، التي تُغذّي هذا الإدمان بالسلاح والفيتو والدولار، لا تُنقذ إسرائيل من أخطارها، بل تؤجل انفجارها الداخلي. إنها شراكة في الجريمة، ضد أخلاقيات السلام، وضد فكرة الإنسان.
الهزيمة هنا ليست فقط فقدانًا للأرض أو السيطرة، بل انهيار في المعنى ماذا يبقى من ثقافة لا تعيش إلا في ظل البندقية؟ من جيل يُربّى على الحصار، لا على الحوار؟ من فنون تحوّلت إلى بروباغندا، ومن آداب تُعاقب إذا طرحت سؤالًا عن الرحمة؟
إنها مأساة مدمنة على الحرب، لا تعرف كيف تتعافى.
أن تخسر حربًا؟ مأساة.
لكن أن تخسر قدرتك على السلام؟ فذلك هو الانتحار الحضاري.
