top of page

المجتمع العربي يمرّ بعملية دمقراطية داخلية

بقلم: تميم أبو خيط

يسأل البعض في المجتمع العربي: لماذا لا توجد قائمة مشتركة؟ بينما يسأل آخرون: ولماذا يجب أن تكون هناك قائمة مشتركة أصلًا؟ أليست التعددية الحزبية أحد أعمدة الديمقراطية؟ وهل نحن جميعًا متفقون في الآراء والتوجهات والأفكار؟

في الأسابيع الأخيرة، يشهد المجتمع العربي موجة واسعة من النقاش — ربما الأولى من نوعها — على وسائل التواصل الاجتماعي، حول قضايا مجتمعية أساسية.نقاش يتجاوز الأحزاب، الجنسين، المناطق، الأجيال والمهن، والأهم من ذلك أنه نقاش شرعي، ديمقراطي وثقافي.


الخلاف حول القائمة المشتركة

بدأ النقاش أولًا حول مسألة تشكيل القائمة المشتركة، حيث كان في البداية شبه إجماع على ضرورتها. لكن مع استمرار النقاش، تبيّن أن الخلاف أعمق — ليس فقط حول ضرورة تشكيلها، بل حول مبادئ الديمقراطية، والتعددية، وحرية الرأي نفسها.

فمن جهة، هناك اختلاف جوهري بين أيديولوجية القائمة الموحدة ذات التوجه الإسلامي الديني وسياستها البراغماتية إلى حدّ التنازل عن كل شيء مقابل الحصول على وزارة ، وبين أيديولوجية الجبهة والتجمع ذات التوجه العلماني الاشتراكي وسياستهما الرافضة لأي مساومة والامتناع عن الدخول لأية حكومة. فهل يمكن توحيد هذه التيارات المتناقضة تحت سقف واحد دون المساس بحرية الفكر والرأي في القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية؟ وحتى لو شُكّلت قائمة مشتركة، فلماذا لا تضم أيضًا شخصيات جماهيرية بارزة من خارج الإطار الحزبي؟


النقاش حول لجنة المتابعة

ثم انتقل النقاش إلى تركيبة لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، التي تتألف أساسًا من ممثلي الأحزاب ورؤساء السلطات المحلية، مما أثار تساؤلات: وماذا عن المستقلين؟ وعن الشخصيات الجماهيرية غير الحزبية، والمثقفين، والأكاديميين، والعمال، والفلاحين؟ أليس من الأنسب إعادة هيكلة اللجنة بطريقة أكثر ديمقراطية وشمولًا لتمثّل المجتمع العربي بشكل حقيقي وفعّال؟


قضية تغييب النساء

لاحقًا، امتدّ النقاش إلى الهيمنة الذكورية وتهميش النساء في الأحزاب السياسية وتغييبها من لجنة المتابعة، خصوصًا بعد تشكيل لجنة لاختيار رئيس جديد للمتابعة، مكوّنة من سبعة رجال دون أي امرأة واحدة.

وقد أثار ذلك احتجاجًا واسعًا من المنظمات النسوية والجمعيات والنساء عمومًا، بل وحتى من عدد كبير من الرجال الداعمين لقضايا المرأة.

بلغ النقاش ذروته صباح اليوم في برنامج إذاعي على “راديو الناس”، وهو من أكثر البرامج إصغاءً في المجتمع العربي، حيث قال السيد منصور دهامشة، عضو قيادة لجنة المتابعة وعضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، إن "السياسة ليست من اهتمامات النساء العربيات".

هذا التصريح أثار موجة واسعة من الغضب والاستنكار، مما دفع السيد محمد بركة إلى إصدار بيان استنكار وتوضيح، واضطر دهامشة إلى تقديم اعتذار علني.


تحوّل ديمقراطي ثقافي

هكذا، يبدو أن مسار التغيير الديمقراطي في المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد يدخل مرحلة جديدة —مرحلة أكثر تحضّرًا وموضوعية. فالمجتمع العربي اليوم يرفض المسلّمات القديمة وينهض لتصحيح مسار قيادته، في خطوة تعبّر عن وعي اجتماعي وسياسي متنامٍ.


ree


bottom of page