top of page

تفريق الفعاليات في القدس الشرقية بالقوة : مسّ بالثقافة وبالمجتمع

بقلم: وردة سعدة


قامت الشرطة الإسرائيلية مؤخراً بتفريق عرض للأطفال في مسرح الحكواتي في القدس الشرقية، وهي تقول: "خلال 5 دقائق لا يبقى أحد هنا!". امتنعت الشرطة عن تقديم تفسير مفصّل واكتفت ببيان عام: "شرطة إسرائيل تعمل وفقاً للقانون".وليس هذا الحدث استثناءً — ففي السنوات الأخيرة سُجّل تفريق بطولات كرة قدم، مؤتمرات صحفية، مهرجانات بهلوانيين، وفعاليات ليوم المرأة.

التأثيرات على الأطفال والمجتمع

تفريق الفعاليات الثقافية يلحق ضرراً خاصاً بالأطفال وبالشباب الذين يفقدون فرصاً للتعلم، والتعرّض للفنون، والشعور بالانتماء المجتمعي.هذه الفعاليات تشكّل مساحات لقاء ودعم اجتماعي، وإلغاؤها يولّد شعوراً بالاغتراب ويضر بإحساس السكان بالأمان. وبهذا تُخلق مشاعر تقييد للحرية في الحيز العام, مع رسالة ضمنية بأن المجتمع غير مسموح له بالعمل بحرية — حتى عندما تكون الفعاليات غير سياسية.

مقارنة مع أنظمة سلطوية في التاريخ

تفريق الفعاليات الثقافية ليس ظاهرة محصورة بالقدس فقط؛ فقد استخدمته أنظمة سلطوية وتوتاليتارية عبر التاريخ:

ألمانيا النازية

ألغت عروضاً وكتباً اعتُبرت “غير ألمانية”، وفرضت قيوداً ثقافية وفق الأيديولوجيا الرسمية.

الاتحاد السوفييتي تحت حكم ستالين

أزيلت عروض وأحداث موسيقية إذا لم تلتزم بخط الحزب، وتعرّض الفنانون الذين خرجوا عن الحدود لعقوبات شديدة.

الصين – خلال الثورة الثقافية

أُغلقت المسارح وتم تقييد الأنشطة الثقافية “البرجوازية”، مما حرم الأطفال والشباب من الفرص.

إسبانيا تحت حكم فرانكو

فرضت رقابة على الكتب والعروض المسرحية، ومنعت فعاليات عامة لم تتماشَ مع سياسة الحكم الاستبدادي.

أوجه الشبه

القاسم المشترك:

  • تفريق فعاليات “بريئة”

  • السيطرة على الفضاء العام

  • المساس بشعور الانتماء والحرية لدى المجتمع المحلي

الاختلاف هو أن الفعاليات في القدس الشرقية ليست أيديولوجية بطبيعتها, ولكن التأثير الثقافي والاجتماعي مشابه — شعور بتقييد الحرية وانخفاض فرص التطور الشخصي والمجتمعي.

الخلاصة

تفريق الفعاليات الثقافية في القدس الشرقية ليس مجرد إلغاء مؤقت لنشاط ما — بل هو مسّ بالثقافة، وبالأطفال، وبالمجتمع المحلي. هذا النهج يعكس تقييداً للحيز العام، ويثير مخاوف من شعور بالاغتراب وتضييق على الحريات — وهي نتيجة معروفة ومتوقعة من تجارب أنظمة سلطوية عبر التاريخ.

bottom of page