داخل الحكومة أيضاً – وليس فقط كتلة مانعة
- تميم أبو خيط

- قبل 6 أيام
- 3 دقيقة قراءة
بقلم: محمد غالب يحيى، محامٍ
في النقاش الدائر اليوم في المجتمع الإسرائيلي، يبرز موضوع مستقبل الدولة ومكانة المجتمع العربي فيها. إن الشراكة الحقيقية والشرعية تعني المشاركة في الحكومة البديلة من الداخل أيضًا، وليس فقط ككتلة مانعة من الخارج. وإلا، فستصبح الديمقراطية الأكثر جمودًا برودةً أكثر.
في حياتنا اليومية — في المستشفيات، المصانع، الرياضة، قطاع الخدمات، المؤسسات، الهايتك، والمكاتب الحكومية — نعيش في الواقع حياة مشتركة طبيعية حتى ساعات المساء، حين يعود الجميع إلى منازلهم، يشغّلون التلفاز، ويتصفحون الشبكات الاجتماعية. في تلك الساعات، ننقسم إلى عالمين منفصلين، إلى مجتمعين مختلفين، حتى حدود الانعزال الخطير للمجتمع الإسرائيلي، الذي يعاني أصلًا من أجواء انقسام واستقطاب متزايدين.
بدأ نزع الشرعية عن المجتمع العربي منذ حكومة رابين بادعاء أن "الأغلبية غير يهودية"، مرورًا بتدهور العلاقات بعد أحداث أكتوبر 2000، ووصولًا إلى السنتين الأخيرتين من الحرب.
في الواقع، شعارات مثل "كابلان بدون العرب" و"حكومة لليهود فقط" هي ظواهر يتحمل مسؤوليتها أيضًا قادة التيارات السياسية المختلفة، الذين يتماشون جميعًا مع سياسة إقصاء مليوني مواطن من أبناء المجتمع العربي.تصريحات من نوع "المجتمع الإسرائيلي غير مستعد بعد لوزير عربي في الحكومة" أو "العرب يمكنهم أن يكونوا فقط كتلة مانعة" تُغذّي ثقافة لا ديمقراطية في اللاوعي العام، مما يضر في نهاية المطاف بالدولة نفسها وبجمهورٍ واسع يسعى إلى بديلٍ للحكم.يمكن للتغيير أن يأتي من الشارع، ولكن أيضًا من القادة — فحتى تصريحات السياسيين تبني ثقافة سياسية للمجتمع.
أكثر من مليون مواطن عربي يملكون حق التصويت ويمكنهم التأثير ومنح تفويضٍ يسمح بالمشاركة في حكومة مستقبلية. الدعم الخارجي لحكومة عبر كتلة مانعة أو كبديل للأحزاب الدينية هو وصفة خاطئة في أساسها، لا تتماشى مع مبدأ الكرامة والمساواة بين مواطني الدولة الديمقراطية.إن مجرد الحديث عن "عدم نضوج المجتمع الإسرائيلي" لقبول أعضاء عرب في حكومة مستقبلية، يزعزع أسس الديمقراطية التي يناضل الناس من أجلها في كابلان منذ أكثر من ثلاث سنوات.
عملية التغيير يمكن أن تتجسد في ثلاثة مستويات:
1. المستوى الأول: الشراكة في الانتخابات.التمثيل في الكنيست خطوة مهمة لا تقل أهمية عن العضوية في الحكومة، فهناك تُرسم السياسات وتُتخذ القرارات.لا يمكن للمجتمع العربي أن يسمح لنفسه بالجلوس في البيت وتفويت حق التصويت لأكثر من مليون مواطن يمكنهم تغيير الخارطة السياسية والتأثير في القرارات على المستوى الوطني والمحلي على حد سواء.إن نسبة التصويت العالية في صفوف المواطنين العرب في انتخابات الكنيست والسلطات المحلية ضرورية وحاسمة كخطوة أولى نحو التغيير.
2. المستوى الثاني: الشراكة السياسية.يجب بناء شراكة عربية-يهودية حقيقية، لا شكلية.التصريحات دون تنفيذ، والتمثيل الرمزي أو الزخرفي المؤقت في قوائم الكنيست لا يحققان المصالح ولا يؤديان إلى نيل حقوق المجتمع العربي في إسرائيل.
3. المستوى الثالث: الشراكة الشخصية.ينبغي السعي إلى شراكة على المستوى الفردي — عبر مدّ يدٍ دافئة وكتفٍ داعمة من الشركاء في المجتمع اليهودي — لمواصلة العملية الطويلة والصعبة لتغيير الخطاب في المجتمع الإسرائيلي، انطلاقًا من رؤية مفادها أن الديمقراطية تعني دولة لكل مواطنيها، دون تفوق أو تبعية لأي طرف، في إطار تحالف يهودي-عربي صادق ومستدام.هذا البُعد ضروري بشكل خاص في ظلّ التراجع الخطير الذي تشهده أسس الديمقراطية في السنوات الأخيرة.
أبناء المجتمع العربي، أبناء هذه البلاد ومواطني الدولة، اندمجوا تدريجيًا في المجتمع الإسرائيلي على مرّ السنين.لقد أبدوا مسؤولية وانتماء حتى في الأوقات الصعبة، ولا يُفترض بهم أن يثبتوا براءتهم في كل أزمة داخلية أو إقليمية.إن تحالف الشراكة الصادق يحتاج إلى شركاء من المجتمع الإسرائيلي في كل مجال — لتغيير الخطاب والتعامل في الحياة اليومية، في الإعلام، في المؤسسات، وفي كل مكان، حتى في الحديث المسائي في صالونات البيوت.
فلنرفع صوتنا حتى لا نفقد كل شيء.نحن جميعًا — كل مواطنيها — لكي نعيش في دولة ومنطقة يسودها حياة طبيعية وإنسانية.من أجل إقامة شراكة حقيقية وشرعية داخل الحكومة أيضًا، وليس فقط من خارجها.وإلا، فسيصبح الجو أكثر برودةً للديمقراطية!
محمد يحيى – محامٍالأمين العام لحزب كل مواطنيها

.png)


