top of page

عن محمد بكري الذي حاول التقريب بين اليهود والعرب في دولة لاحقته كفنان عربي لامس جرحها في جنين

بقلم: تميم أبو خيط


رحل عن عالمنا أمس في قرية البعنة في الجليل الفنان، الممثل، المخرج والسياسي محمد بكري، بعد مرض في القلب غلبه — رغم أن آلة القمع والتمييز الإسرائيلية الرسمية لم تنجح في قهره.

الذين أرادوا لفنه ألا ينقل الحقيقة المؤلمة والمرّة لاحقوه، ولاحقوا أحد أفلامه على مدى نحو عشرين عامًا إلى أن حظروه، في انتهاكٍ فاضح لمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير وقدسية الفن الذي يروي الحقيقة.

توفي بكري عن عمر 72 عامًا بعد مرض في القلب. تزوّج من ليلى، وكان يقيم في البعنة، وهو أب لستة أبناء. ثلاثة من أبنائه — صالح، آدم وزياد — ممثلون.

بدأ بكري مسيرته التمثيلية في مسرح حيفا. وفي عام 1984 أدّى الدور الرئيسي في فيلم «في يوم صافٍ يمكن رؤية دمشق» من إخراج إران ريكلِس، وكذلك في فيلم «من وراء القضبان» (نصّ: إران برايس، إخراج: أوري براباش) الذي يتابع نضالًا موحّدًا لأسرى يهود وعرب ضد إدارة السجن.

وفي عام 1987 شارك في مسلسل «أشكرا»، وهو مسلسل درامي هدف إلى التقريب بين اليهود والعرب، من إنتاج التلفزيون التعليمي الإسرائيلي. وعلى امتداد مسيرته، شارك في عشرات الأفلام وأنتج عشرات الأعمال المحلية والدولية، بل وحتى الهوليوودية.

في عام 2003 قدّم فيلمه «جنين جنين»، الذي أُنجز في أعقاب اجتياح الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين للاجئين وتدمير أجزاء واسعة منه، حيث دارت معارك عنيفة من جهة وقُتل مدنيون بوحشية من جهة أخرى. وقد شكّل الفيلم مثالًا مبكرًا لما شهدناه خلال العامين الأخيرين في غزة. أُنتج الفيلم بمعظمه داخل المخيم، مستندًا إلى شهادات حيّة، وذلك إبّان الانتفاضة الثانية التي تخللتها عمليات تفجير انتحارية. وقد أثار الفيلم تظاهرات واحتجاجات ضده داخل إسرائيل. حظرته هيئة الرقابة على الأفلام، لكن بعد التماسه إلى المحكمة العليا سُمِح بعرضه. لاحقًا رُفعت ضد بكري دعوى مدنية بتهمة التشهير من قبل جنود شاركوا في عملية جنين. وفي كانون الثاني/يناير 2021 أمرت المحكمة المركزية بمنع توزيع وعرض الفيلم، وبمصادرة نسخه. ومع ذلك، جال بكري بالفيلم في مهرجانات دولية عديدة حول العالم، وحصد الفيلم عددًا من الجوائز المرموقة. وفي أحد أفلامه أدّى بكري دور يهودي في معسكر اعتقال.

كان بكري منخرطًا في الحياة السياسية طوال حياته. نشط في الحزب الشيوعي الإسرائيلي وفي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش). ويتناول جزء كبير من أعماله الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وفي عام 2015 ترشّح لمكان في قائمة حداش قبيل انتخابات الكنيست العشرين.

أكتفي هنا ببعض الاقتباسات التي كُتبت عنه:

قال أوري براباش، مخرج فيلم «من وراء القضبان» الذي نال فيه محمد بكري جوائز رفيعة على أدائه، إنه لو لم يُصرّ محمد بكري على البقاء في مسقط رأسه البعنة، لكان أحد نجوم الصف الأول في السينما العالمية.

وكتب عميت أتياس عنه أمس:«أن تكون محمد بكري في إسرائيل في السنوات الأخيرة يشبه حكم السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة. قلبه لم يحتمل».«لم يسعَ إلى إجماع ولا إلى تصفيق. الممثل والمخرج محمد بكري اختار طريق المواجهة المستمرة مع المؤسسة والرأي العام وحدود حرية التعبير في إسرائيل. مبدعون عملوا معه على مدى السنوات يودّعون الرجل الذي دفع ثمنًا باهظًا لنضاله: كان يقول دائمًا — أنتم مخطئون حين تفهمون أنني أكره الدولة. أنا فقط أريدها أن تكون أفضل لأناس مثلي».

وقال ميخائيل سفارد:«احتضنت الإسرائيليةُ محمدَ بكري طالما رأت فيه ممثلًا هو عربي، لكنها لفظته بعنف حين أدركت أنه ممثلٌ فحسب. ومع ذلك، فإن الفلسطيني الذي جسّد يهوديًا في معسكر اعتقال رفض أن ينكسر وبقي الإنسانيّ الجميل الذي كانه حتى يومه الأخير».

رحمة الله عليه.

وهذا رابط المقال الكامل في «محادثة محلية»:





bottom of page