top of page

متى سيكون لدينا وزير ثقافة مُثقَّفاً ؟!



وزير الثقافة، ميكي زوهر، يطلب من وزارة المالية سحب الدعم العام عن مهرجان "تضامن" (Solidarity)! لماذا؟ لأن محتوى الأفلام في المهرجان لا يروق لذوقه وآرائه!

في رسالته للوزير بتسلئيل سموتريتش، ادّعى وزير الثقافة اليوم أنّ المهرجان، إلى جانب الدعم الحكومي، يحصل أيضًا على تمويل من جهات "معادية لإسرائيل ومعادية للصهيونية"، على حدّ قوله، وذكر عددًا من الجهات من بينها: منتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي–الفلسطيني، منظمة "نكسر الصمت"، منتدى "نقف معًا"، ومنظمة "بتسيلم".

مهرجان "تضامن" هو فعالية سنوية تُقام في السنيما-تك بتل أبيب، وتعرض أفلامًا وأحداثًا تُعنى بحقوق الإنسان. يُعرض في المهرجان أربعة أفلام وثائقية دولية عن بطلات وأبطال ينتقلون بين دول وقارات، ويعبرون حدودًا جغرافية وعاطفية، ويحاولون إيجاد بيت وانتماء وفرصة لبداية جديدة. يقدّم صُنّاع هذه الأفلام على الشاشة منظورًا إنسانيًا جديدًا ومهمًّا، يشكّل مصدر فخر لمهرجان تضامن للسينما وحقوق الإنسان 2025.

وزيرة الثقافة السابقة، ميري ريغيف، اتّبعت السياسة ذاتها القائمة على مقاطعة كل محتوى ثقافي لا يناسب ذوقها، بما في ذلك أفلام إسرائيلية ودولية حاصلة على جوائز. في حكومات نتنياهو، يتولّى وزارة الثقافة وزراء يحاربون الثقافة نفسها، ويحاربون القيم الثقافية الأساسية: حرية التعبير، حرية الرأي، حرية انتقاد الظواهر السلبية في الحياة اليومية وكشف الحقائق للجمهور؛ حرية الإبداع الفني والأدبي؛ حرية التفكير وإمكانية التعبير عنه بالوسائل الفنية — في المسرح والسينما والمعارض والكتابة.

وقد قوبلت خطوة وزير الثقافة هذه بوابل من الانتقادات والإدانات من شخصيات وهيئات في مجالات التربية، والثقافة، والأدب، والسياسة.

منتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي–الفلسطيني ردّ بغضب مُحق، وجاء في بيانه:"في أحسن الأحوال، تُظهر رسالة الوزير زوهر جهلًا تامًا. أمّا في أسوئها — وهو الاحتمال المنطقي — فتعكس رغبة متعمّدة في إسكات الأصوات التي لا تتماشى مع أجندته. إليك ما لم يكلّف الوزير نفسه عناء فحصه: أكثر من 80 إسرائيليًا انضمّوا إلى منتدانا بعد أن فقدوا أقرباء من الدرجة الأولى — آباء، أبناء، أزواج — في 7 أكتوبر وفي الحرب على غزة. هؤلاء أناس دفعوا الثمن الأفدح، ومع ذلك ما زالوا يختارون الحوار. ما زالوا يختارون السلام. وصفهم بأنهم ’معادون لإسرائيل‘ ليس فقط عارًا أخلاقيًا، بل اعتداءً صارخًا. نحن فخورون بدعمنا ومشاركتنا في مهرجان ’تضامن‘، وبعرض ’شهادات الألم والأمل‘ — ستة أفلام قصيرة تروي شهادات شخصية لأعضاء المنتدى، إسرائيليين وفلسطينيين فقدوا أحبّاءهم في 7 أكتوبر وفي الحرب على غزة — وكذلك بإقامة ندوة حول التربية للسلام في زمن الحرب."

وفي مهرجان "تضامن" العام الماضي أيضًا، هاجم الوزير زوهر تنظيمه. وقاطع الوزير حفل توزيع الجوائز بحجة أن الفيلم الفائز وهو فيلم " البحر " " يُشوّه صورة جنود الجيش الإسرائيلي " (دون مشاهدتهُ ) كما هدد بعدم تمويل اكاديمية السينما على اسم " أوفير" ، لمجرد أن الفيلم يحكي قصة طفل فلسطيني من الضفة صمم على زيارة البحر الذي لم يشاهده طول حياته حتى لو بدون تصريح . .ففي رسالة بعثها آنذاك لسموتريتش، قال إن الأفلام المعروضة في المهرجان "تسيء لدولة إسرائيل وتشوه سمعة جنود جيش الدفاع الإسرائيلي".

فمتى، أخيرًا، بعد كل هذه الفترة الطويلة، سيكون لدينا وزير ثقافة مُثقَّفاَ ؟!

متى سيكون لدينا وزير ثقافة يفهم — على الأقل — أنّه في الديمقراطية يجوز أن نكون نقديين، ويجوز قبل كل شيء أن نفكّر بشكل مختلف عنه؟

ومتى يفهم أن السينما ليست ملكًا خاصًا له؟!



ree

bottom of page